مستخدمو الإنترنت في اليمن بين الحرب والحجب

مقال ل:  بشير السماوي

في صباح جمعة، حاولت أمل التي تدرس في إحدى الدّول الأجنبيّة التواصل مع  أهلها في اليمن عبر إحدى تطبيقات المراسلة الفوريّة لتطمئنّ عليهم بعد ما حدث الأسبوع الماضي بالقرب من بيتهم في العاصمة صنعاء. فتفاجأت بعدم ردّ أيّ منهم، أو حتى ظهورهم على فيسبوك. راودتها أسوأ الاحتمالات، حتّى نجحت بالتواصل معهم عبر الهاتف في نهاية اليوم. أمل وغيرها الكثير من القصص، تُظهر تجاهُل الجانب الإنساني عند قطع خدمات الإنترنت على المواطنين أثناء النِّزاعات المُسّلحة. وتجدر هنا الإشارة أنّ مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتّحدة أصدر قراراً تاريخيّاً  في يوليو من 2016 يُدين قطع الانترنت معتبراً إيّاه انتهاكاً لحقوق الإنسان.

بعد أيام قليلة على انتهاء الإشتباكات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة في أغلب  أنحاء العاصمة صنعاء بين القوّات الموالية للرّئيس السّابق علي عبدالله صالح والقُوّات الموالية لأنصار الله (الحوثيين)، فوجئ مستخدمو الإنترنت في اليمن  بقطع كامل لخدمة الإنترنت استمرّ لمدّة 30 دقيقه ليلة الخميس 7 ديسمبر 2017 مابين الساعة العاشرة والحادية عشر ليلاً بتوقيت صنعاء.

 ترجمة التغريدة: الإنترنت في اليمن تُعاني من عدّة انقطاعات وطنيّة خلال السّاعة الماضية، بينما لا تُبدي الحرب الأهليّة أي بوادر للتوقُّف. (YementNet (AS30873 منقطعة عن النت لمدّة 30 دقيقة.

 

ثم عادت الخدمة أخيراً ولكن بالّتزامن مع حجب مواقع التواصل الإجتماعي فيسبوك وتويتر  وكذلك تطبيقات التّراسل الفوري واتساب وimo، بالإضافة إلى تطبيق تيليجرام (الذي كان أيضاً تحت قائمة الحظر خلال عام 2016 ثُمّ رُفع الحظر عنه في بداية 2017). وكذلك حُظرت المواقع الإخبارية للمؤسّسات التّابعة للرّئيس السّابق علي عبدالله صالح وحزب المؤتمر الشّعبي العام. مع العلم أنّ موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك من أكثر المواقع استخداماً في اليمن بحسب موقع أليكسا.

وفي 13 ديسمبر، أي بعد ستّة أيام من بدء الحظر، قام مزوّد خدمة الإنترنت الوحيد والمُسيطر في اليمن يمن نت برفع الحظر عن مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الدردشة ولكن مع استمرار انخفاض ملحوظ في سرعة الانترنت. ويذكر أنّ معدّل سرعة الانترنت في اليمن هو الأبطأ في العالم بحسب Akamai وهي شركة أمريكيّة عالميّة تعمل في مجال خدمات شبكة توصيل المحتوى (Content Delivery Network) والخوادم السحابيّة.

ويقول فهمي الباحث، رئيس جمعية مجتمع الإنترنت اليمنيّة: “إنّ وجود الإنترنت وتوفيره أثناء الصّراعات والنّزاعات المسلّحة يُعدّ أكثر أهميّة من الأوضاع العاديّة، ففي النّزاعات المسّلحة يستخدمه عامّة الناس لمعرفة الوضع من حولهم، وما الذي تؤول إليه المستجّدات لمعرفة وضعهم الأمني، والتواصل والإطمئنان على الآخرين، أو طلب المساعدات والإسعافات الطبيّة العاجلة.”

وبحسب تقرير Akamai للرّبع الأخير من 2016: “رغم تسجيل ارتفاع بنسبة 85% إلى 1.3 Mbps  (ميجا بايت في الثانية)، لا زالت اليمن البلد المؤهل ليكون الأبطأ من ناحية معدّل سرعة الاتصال.” وبحسب اختبار أُجري بتاريخ 18 ديسمبر على موقع Fast.com، كان معدّل سرعة الاتصال في اليمن 130 Kbps (كيلو بايت في الثانية) أي 0.13 Mbps، بمعنى أبطأ بعشر مرّات من المعدّل العادي البطيء أصلاً. ويذكر أنّ إبطاء الانترنت من الوسائل التي تستخدمها الأنظمة في قمع الحقوق الرّقميّة للمواطنين.

 

 

وقال عمرو مصطفى، منسّق البرامج في المنظمة اليمنية للتنمية والحلول التقنية: “الإنترنت البطيء يؤثر على فاعليّة استخدام الإنترنت في التّواصل، مثلاً عندما يحتاج الفرد لاستثمار ربع ساعة من الوقت لإرسال بريد إلكتروني بسيط مع مُرفقات وأحياناً أكثر من ذلك، أو  استخدام الفيديو في اليوتيوب مثلاً لنقل الأخبار يبدو كحلم. واستعراض هذه المواد يعتبر أيضاً كـثراء غير متوفر لأغلب مستخدمي الإنترنت في اليمن.”

وأضاف فهمي الباحث أنّ كسر الاحتكار في تزويد خدمات الإنترنت يعتبر من أهمّ الحلول من أجل معالجة مشاكل الإنترنت الحاليّة في اليمن.  

اجتهد مستخدمو الإنترنت اليمنيين في الآونة الأخيرة في البحث عن التطبيقات التى تساعدهم على تجاوز الحجب عن طريق استخدام شبكات افتراضية خاصّة (VPN) من أجل التّواصل وتبادل الأخبار مع أهلهم وأصدقائهم داخل اليمن وخارجها، رغم كون هذه البرامج تبطئ أيضاً بدورها من سرعة الإنترنت. وبدأ البعض باستخدام تطبيق سيجنال (Signal)، وهو تطبيق  مُراسلة مُشفّر لأنّه لم يُدرَج من ضمن التطبيقات المحظورة.

ورغم عدم تأكّد مادّة ١٩ من وجود جهة مُعيّنة في اليمن تقوم بتوثيق انتهاكات حقوق المستخدمين اليمنيين الرّقميّة، إلّا أنّه بإمكان أي مستخدم/ة استعمال برنامج OONI (الرّابط بالانجليزيّة) من مشروع تور وهو برنامج مجّاني يعمل على تمكين الجهود اللّامركزيّة في زيادة الشفافيّة حول الرّقابة على الانترنت في العالم.

لدى السلطات اليمنيّة باع طويل في انتهاك حريّة الرّأي والتعبير وحق الوصول إلى المعلومة عبر الإنترنت وكانت البداية عندما قامت بشكل واضح بحظر المواقع الإخبارية للمعارضة ما بين 2005 و2011 ، ومن ثمّ إلغاء الحظر عن جميع المواقع في العام 2012. ومع بدء الحرب الأخيرة في مارس 2015، قام أنصار الله المسيطرين على العاصمة التى تتواجد فيها سيرفرات أو خوادم ال DNS  بحجب العديد من المواقع الإخباريّة اليمنيّة والإقليميّة التي تُعارض سياستهم، وفي مايو 2016 تمّ حجب تطبيق تيليجرام (Telegram) وانستاغرام  لِعدّة أشهر، وفي أكتوبر من نفس العام توقّف تطبيق واتساب عن العمل لِعدّة أيّام.

وبدأ استخدام الإنترنت في اليمن عام 1996 عن طريق مزوّد الخدمة الذي لا زال الوحيد وهو يمن نت كشركة تابعة لوزارة الاتصالات وتقنيّة المعلومات. وقد وصل عدد مستخدمي الإنترنت في اليمن بحسب تقرير للمؤسسة العامة للاتصالات إلى 4 ملايين و200 ألف مستخدم في نهاية العام 2015، وبحسب موقع Internet live Stats يصل العدد إلى 6,773,228 مستخدم في يونيو 2016 بما يوازي 24.7% من عدد السكان تقريباً.  وتسعى حاليًا حكومة الرّئيس هادي التي تتّخذ من محافظة عدن مقرّاً لها إلى فصل المناطق التي يسيطرون عليها من خلال إنشاء سيرفرات أو خوادم DNS في عدن بالّتزامن مع ربط عدن بخط بحري جديد للشّبكة البحريّة الدوليّة.

 

أسئلة؟ إضافات؟ تعليقات؟ تواصلوا معنا!

         

راسلونا على

تابعونا

الإشتراك